أعتذر لك يا ساهر

أعتذر لك "ساهر"!!
صديقي ساهر، ما أروعك وأنت "تلتقط لي" صورة جميلة آمل أن أظهر فيها مبتسماً على شاشتك الوضـاءة، وأعتذر لك إن ظهرتُ في الصورة عبوساً، أو مكتئباً، أو متضجراً من كثرة تصويرك لي، وإن ظهرت الصورة كذلك فإن آثار الحياة من كدح، وكد، وهموم هي السبب الوحيد لعبوسي، ولستَ أنت صدِّقني!؟ مع أنني سأعاقب نفسي أشد عقاب إن لم تعجبك صورتي، وأعدك بأن أحاول أن ألبس "البشت" وأضبط الشماغ في المرات المقبلة؛ حتى أنال رضاك عني!

ما رأيك أن نجلس مع بعضنا جلسة مصارحة رومانسية، نحتسي فيها القهوة الغربية بحكم فكرة وجودك الغربية، ونتجاذب أطراف الحديث؛ عسى ولعل أن تقتنع ببعض آراء الشارع السعودي!؟

أهلاً بك عزيزي، أعلم جيداً أن "قلبك" علينا، وأنك تخاف على دمائنا التي تنزف هنا وهناك، وعلى أموالنا التي تُهدر في السيارات المصدومة؛ لذا أتيت لتكون حارساً أمينـاً على أرواحنا وممتلكاتنا "وأموالنا".

أعلم أن هدفك المادي هو الذي أحضرك لتُبهر شوارعنا بطلتك البهية، ولتقضي على جيوبنا بحركاتك البهلوانية، ولتزيد ثروتك التي بدأت من تحت الصفر، والله أعلم إلى أين هي النية؟ كما أعلم جيداً أنك لستَ بالشرير الذي يحب الأيادي الخفية؛ "فشغلك" كله على مرأى ومسمع كل البشرية، وذلك لقدرتك العجيبة في جلب الأموال بكل حرفية، وبدون عناء "وعنية".

ما رأيك في السجع؟ أتمنى أن يكون قد راق لك؛ فهو أقل شيء أستطيع أن أقدمه لك.. أتعلم صديقي الحنون أنني أستطيع أن أكتب لك ألفية، وإن أردت عزيزي فالقصائد لن تُـعَدَّ ولن تُـحصى، وستكون - بإذن الله - في ديوان يحمل اسمك، ويُمجِّد بطولاتك التي لن تـُنسى، وخصوصاً طريقتك الرائعة المبتكرة في جني الأموال، كل ذلك وأكثر مقابل "الرحمة" بالضعيف المدعوّ "المواطن".

لو كنتُ مسؤولاً عن الاختراعات عالمياً يا عزيزي لمنحتُك أفضل اختراع تجاري مر على التاريخ، فعدد 3000 قسيمة في اليوم الواحد - وإن حسبناها بالحد الأدنى لك - تعادل امتلاك منزل نبحث عنه طول العمر، والمحظوظ منـا فقط هو مَنْ يحصل عليه! وليتك تقبل صداقتي الحميمة، وتُسجّل لي كاميرا واحدة، تُدخلني التجارة من أوسع أبوابها.

لك الله يا ساهر، لا تُذكِّرني إلا بـ"أشعب"، الذي مات ولم يستطع أن يُشبع بطنه، ولا يقهرني "ويرفع ضغطي" إلا أننا حتماً سنموت قبل أن نُـشبع رصيدك؛ لذا فكرتُ طويلاُ كي أرضيك، وفي النهاية لم أصل لحل يثبت حرصي على رضاك، وهو تقصير في فكري أنا فقط؛ لأنني أعلم أنك لو صورت كل سيارات البلد في كل ثانية فلن يكفيك ذلك!

وفي الجهة المقابلة فكَّرتُ في إرضاء المواطن "المسالم العاشق الضعيف"، المؤمن بوجوب وجودك، وثمرة كاميراتك، لتخليصنا من المتهورين؛ فوجدت إرضاءه أسهل ما يكون، عبر بعض المرئيات التي أستأذنك في وضعها بين يدَيْك، ولك كل الخيارات في تطبيقها أو تمزيق أوراقها.

بعض الطرق تستحق أن يزاد في سرعتها القصوى؛ فتخيل معي أن مدينة مكتظـة بالسـكان مثل الرياض "تقارن في قاموسك" بأصغر مدينة في المملكة لا يكاد عدد سكانها يصل الألف نسمة، من خلال تحديد السرعات!؟ أعلم أن ذلك من عدلك، وقيمك النبيلة، ولكن حاول أن تُعدّل في سرعة بعض الشوارع؛ حتى تخفف على محبيك، وحتى لا يتذمر - لا سمح الله - منك المواطن الذي لا يعلم من أين يواجه الحياة، هل من التجار الجشعين الذين أمسكوا بزمام الأمور.. ولعبوا في الوطن كما يشاؤون، أم من مصاريف "هات هات" أم أخيراً منك عزيزي؟؟!!

طريق فيه ثلاث مسارات، وعدد السيارات التي تمر في الدقيقة تُعَدّ على الأصابع، تضع السرعة فيه 70!؟ هذه السرعة تعني أن يمشي المواطن 60 حتى يسلم من كفشاتك "الخنفشارية"، وهذا يا عزيزي من التضييق على المواطن؛ فحاول أن ترفع السرعة قليلاً في حفرنا، أقصد في شوارعنا "فضلاً لا أمراً"؛ حتى تزيد الابتسامة كلما رأيناك.

أما إن رأيت أن سرعة 30 مناسبة لبعض الشوارع فهذا تعنـت منك، وإظهار لصورتك المادية الحقيقية التي لا نرجو أن يحس بها أحد، بل نريدك أن تبقى شعاراً وطنياً همُّه الأول والأخير مصلحة الوطن والمواطن، وإنني أرجو ألا يُقال لك قريباً "أبرك ساهر".

ولا تنسَ - رعاك الله - أن السيارات التي بين يدينا متطورة جداً، ومريحة إلى أبعد الحدود، بل وأنت تمشي الـ"100كلم/ ساعة" كأنك تمشي الـ"20كلم/ ساعة"؛ حيث لا نحس بالسرعة إلا وهي في براثن المائة! حاول أن تتطور مع تطور السيارات، ولا تعامل السيارات لدينا بالموديلات القديمة إبان عهد الـ 75م!؟ أو امنع دخول السيارات الجديدة، ولنعد لعهد السيارات القديمة التي إن وصلت فيها لسرعة الـ"60كلم/ ساعة" ترجك رجاً مبرحاً حتى "تفصفص" عظامك، ولا تتيح لك زيادة السرعة أبداً، كل ذلك رحمة منك بجيوبنا.

للتو أتيت لنا، ولكنك أتيت بأنظمة تناسب ما بين عامي "70 و80م"، تلك الأنظمة التي لا تزال تُسيّر حياتنا ونحن بين أحضان الألفية الثالثة! كنت آمل أن يكون نظامك أكثر تطوراً ومراعاة لظروف الوقت الحالية.

أتعلم يا عزيزي، لا بأس، سنستمتع بوجودك في حفرنا، ولكن ما رأيك أن أعطيك إضافة لما سبق عرضـاً سيثمر عن نتائج مبهرة!؟ ما رأيك أن تتبرع بنسبة من "فلوسنا"؛ كي تـصلـح الحفر وتعدلها؛ لتصبح شوارع حقيقية، وليست مجموعة حفر "بهدلتنا"، وجعلت السيارات تصرخ من بلد المنشأ حين يخبرونها أنها مُصنَّعة لنا؛ لأنها تعلم بكمية الحُفَر التي ستجعلها في مدة عام بين الحياة والموت.

ولا تعتقد أنني قلتُ ما قلته هنا لأنني معارض لوجودك، أو ممتعض من تصرفاتك، أو تضايقني كاميراتك، لا والله، بل أنت الأمل لدينا في إنقاذ الأرواح التي تسقط كل يوم بلا ذنب ولا سبب، ولكنني أرجو منك تعديل آليتك، بحيث لا تُضيّق علينا، وحتى نركب سياراتنا ونتمنى وجودك حامياً لنا بعد الله - جل وعلا -.

لدي رأي أخير سيجعل الجميع يصفق لك: ما رأيك أن تستشير المواطن في آلية عملك!؟ إن فعلتها فقد طبَّقت ما لم يستطع غيرك تطبيقه فيما يخص المواطن، وسترى ما يسرك ولا يضرك، ويعينك على أداء مهماتك بسلاسة ونظام، بعيداً عن تكسير كاميراتك، وعرباتك، ولن تجد مَنْ يعارض وجودك، أو يتذمر منه، أو حتى يبحث عن الطرق المثلى للتخلص من فلاشاتك، أو يصرخ في وجهك: "أبرك ساهر"!

عزيزي ساهر، آمل أن تكون قد وصلتك كلماتي عبر هذا المقال، وأعتذر إن أضعتُ الكثير من وقتك الذي كنتَ ستجني فيه مئات الألوف بدلاً من احتساء قهوة مُرَّة المذاق مع مواطن غريب الطباع في هذا الزمن.
أخي القارئ، ماذا لو فعلها "ساهر" وكتب في موقعه: ماذا تريد أيها المواطن الكريم من "ساهر"!؟ بماذا ستجيبه!؟

عبدالله عامر القرني